تجليات الصراع الوجودي في لامية اوس بن حجر

الملخص

تعد موضوعة الصراع واحدة من الموضوعات المهمة التي كانت وما تزال لها الأولوية والأهمية ذاتها في البحث والدراسة، وربما تزداد هذه الأهمية بتقادم الايام وانقضائها، على وفق رؤى ومضامين جديدة تتناسب طرديا وطبيعة الحياة اليومية من جانب، وتطور الرؤى والمفاهيم والمقاييس ووجهات النظر من جانب آخر، ويتجلى موضوع الصراع بصور مختلفة، فقد يكون بين الانسان وبني جنسه، وبينه وبين غير العاقل المتمثل بالطبيعة والحيوان، ويمتد في كثير من الاحيان ليصل الى الذات مع الذات ونقصد بذلك أن الفرد يدخل في صراع مع نفسه، وهذا الأمر يستدعيه الموقف والسياق، وحتى الواقع اليومي المعيش، وهو ما نتلمسه اليوم في حياتنا الطبيعية، فالإنسان على حسب فلسفة (هيدجر) هو الكائن الوحيد الذي يمكن أن يتجاوز ذاته باستمرار نحو الممكن، فيتحقق الوجود من خلاله، في حين أن الموجودات الأخرى لا تملك القدرة على تجاوز ذاتها فهي أما حيوانية أو غيبية.

إن فكرة البحث الرئيسة انبثقت من معلقة طرفة بن العبد وما حملته في طياتها من رؤى وتحديات وتجليات كثيرة، فضلا عن ذلك الدراسات التي درستها من جوانب مختلفة ومنها موضوع الصراع الذي قدمت فيه دراسات تحمل عنوانا واحدا ومعالجات مختلفة، فصرت أبحث عن قصيدة تتجلى فيها مظاهر وبواعث الصراع، فوقع الاختيار على لامية أوس بن حجر، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بذات الشاعر ومنها ما يتعلق بموضوع القصيدة وطبيعتها وما حملته من عناصر تجديدية كثيرة، فضلا عن تعبيرها عن الواقع الحقيقي وصورة ذلك العصر، من جانب، ومن جانب آخر، إن الشاعر يمثل مدرسة شعرية كبيرة أطلق عليها بعض الباحثين اسم المدرسة الأوسية، هذا من جانب، كما إن اللامية محل الدراسة تعد عينا من عيون الشعر الجاهلي، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالكشف عن الجوانب الاجتماعية ومنها ما يتعلق بمضموناتها ودلالاتها، فضلا عن ورودها كاملة في الديوان، وقد أشار الى تلك الأهمية استاذنا المرحوم محمود الجادر، إذ وصفها بأنها من نماذج أوس النادرة، وذلك الوصف كان مدعاة للخوض في البحث.

لقد حملت القصيدة بين طياتها الكثير من تجليات الصراع الوجودي بدءا من الذاتية والعزلة والتمرد على الواقع والانتصار للذات وانتهاء بجدلية الحضور والغياب، وتلك هي تلجيات أفرزها الصراع الأزلي القائم بين الذات والآخر.